ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

على المرء أن يكون عصرياً في تفكيره وأساليبه

14:54 - January 18, 2023
رمز الخبر: 3489561
بيروت ـ إکنا: "الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ" قد يعني أنه على المرء أن يكون عصرياً في تفكيره، وأساليبه، وأدواته، وآلياته، فكما أن الزمان لا يتوقف كذلك على المرء ألا يتوقف عن مواكبته والتطور فيه، فإن لكل زمان مقتضياته وظروفه وأحكامه.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ".

أنت قارئي الكريم وأنا، ونحن البشر، وكل من له حياةٌ أبناء ساعتنا، أي أبناء الزمان، الزمان هو الظرف الذي نحيا فيه ونحدِثُ أفعالنا، في الزمان نتحرك ولا نتحرك خارجه أبداً، وهو أحوج ما نكون إليه، بل إنه على الإطلاق أهم حاجة لنا، فما من فعل أو حركة أو سكَنَة تكون منا إلا ونحتاج فيها إليه، بل يمكن القطع أننا زمان، نعم عدد ثواني ودقائق وساعات وأيام، وعندما ينتهي العدد المحدّد لنا نغادر نشأتنا هذه لنولد في نشأة أخرى هي زمنٌ كذلك.

"الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ" يحتمل أن يكون معناه، أن الإنسان ابن الحاضر، الحاضر الذي يعيشه دقيقة بعد دقيقة، وابن الماضي الذي عاشه وفعل فيه ما فعل، والحاضر ثمرة الماضي، الماضي لم يعد في الإمكان تغييره، فما كان فقد كان، أما الحاضر فيمكن التغيير فيه، وهذا يعني أن نستفيد من تجارب الماضي للحاضر، فما كان منه صحيحاً، وحقاً، وطاعة، نستمر في فعله، وما كان باطلاً نقلع عنه.

"الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ" يعني أيضا أن نفَكِّرَ في اللحظة الراهنة، مستفيدين من عِبَر الماضي ومواعظه، دون أن ننشغل به، أو نتسَمَّر عنده، فإن في الانشغال بالماضي تضييعاً للحاضر، والانشغال بالحاضر أهَمُّ وأولى، فإن له عملاً ينبغي أن ننشغل به، دون تسويف أو تأجيل أو مماطلة.

"الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ" يعني أيضاً أن على المرء ألا يحمِل هَمِّ المستقبل، فينشغل به عن الحاضر، إنك ترى أن بعضنا ينشغل بما سيكون عليه حاله في المستقبل، هل سيجد عملا أم لا، هل سيزيد رزقه أم ينقص، هل يبقى معافىً أم سيمرض، هل سيحدث له حادث أم لا، هل سيكون بخير أم أن شراً يتربَّص به، هل سيموت أم يبقى على قيد الحياة، وهكذا ينشغل بالمستقبل عن حاضره، فيخسر الحاضر والمستقبل معاً.

"الْمَرءُ ابْنُ ساعَتِهِ" قد يعني أنه على المرء أن يكون عصرياً في تفكيره، وأساليبه، وأدواته، وآلياته، فكما أن الزمان لا يتوقف كذلك على المرء ألا يتوقف عن مواكبته والتطور فيه، فإن لكل زمان مقتضياته وظروفه وأحكامه، وما يصلح لزمان قد لا يصلح لزمان آخر، إلا إذا كان متصفاً بالإطلاق وعابرا للزمان والمكان، كالعقيدة والشريعة والقِيَم الأخلاقية والإنسانية، وهذا ما تقره الشريعة الإسلامية وتؤكد عليه، فهي مثلا توجب الحج على المستطيع لكنها لا تشترط أن يحجّ على الجمل والدواب، فله أن يستقل السيارة أو الحافلة أو الطائرة أو القطار، بل هو الأولى باعتباره وسيلة هدى الله الإنسانَ إلى صنعها، وهكذا في سائر الأمور، فمثلاً كان رسول الله يخطب في جموع الناس ثم يقول: ألا فليُبلغ الشاهدُ الغائبَ، إذ لم تكن وسيلة أخرى لإيصال ندائه إلى كافة الناس الذين أرسله الله إليه، أما اليوم فقد هدى الله الإنسان إلى صناعة الراديو والتلفاز والشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الحديثة فيجب علينا أن نستفيد منها بأقصى ما يمكن.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha